في تحليل جديد يكشف تعقيدات المشهد السوداني، أكد جيم ساندرز، محلل الاستخبارات الأمريكي السابق بوزارتي الخارجية والدفاع، أن إنهاء الحرب في السودان بات أمراً بالغ الصعوبة، نتيجة لتزايد الاعتماد على الطائرات المسيّرة والأسلحة المتطورة التي غيّرت طبيعة الصراع بشكل جذري.
وفي مقاله بصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، أوضح ساندرز أن تدفق الأسلحة إلى السودان يمثل العائق الأكبر أمام أي مساعٍ للسلام، مشيراً إلى أن وقف هذا التدفق هو المفتاح الحقيقي لإنهاء القتال المستمر منذ عامين. واستشهد بمقال للكاتب ويليام واليس، نُشر في 19 مايو الجاري، بعنوان “الطائرات الأجنبية بدون طيار تؤجج الحرب الأهلية المدمّرة في السودان”، والذي وصفه بأنه قدّم شرحاً معمقاً لسبب استعصاء وقف الحرب.
وأضاف ساندرز أن كل طرف في النزاع يسعى لامتلاك الطائرات المسيّرة باعتبارها سلاحاً يُحدث فارقاً حاسماً في ميزان القوة، مما يجعلها هدفاً رئيسياً في سوق السلاح السوداء التي تنشط فيها أطراف خارجية.
وأشار إلى أن ما يضاعف تعقيد المشهد هو تدخل دول “من الدرجة الثانية والثالثة” عبر تجارة الأسلحة، حيث تملك بعض الدول النفطية القدرة المالية على تمويل الصراع من خلف الكواليس، ما يجعل من الصعب رصد أو قطع خطوط الإمداد.
وأوضح ساندرز أن النظام الدولي لم يعد قادراً على ضبط تدفق الأسلحة كما كان الحال في العقود الماضية، نتيجة لتفكك النظام التجاري العالمي، وتراجع نفوذ القوى الكبرى، وعجزها عن احتواء النزاعات في بيئة جيوسياسية متغيرة باستمرار.
وفي سبب ثالث لا يقل خطورة، أشار الخبير الأمريكي إلى هيمنة “الشبكات المظلمة” التي تدير عمليات التهريب والتسليح بعيداً عن أعين الحكومات، وبعضها قد يكون متورطاً مع مسؤولين رسميين. وأضاف أن هذه الشبكات طورت طرقاً متقدمة لإخفاء تحركات الأموال، متجاوزة الأنظمة البنكية التقليدية، مما يصعّب مراقبتها أو تفكيكها.
ورغم أن الذكاء الاصطناعي قد يحمل أملاً في تتبّع هذه الشبكات، فإن ساندرز يرى أن قدرات الحكومات في هذا المجال لا تزال محدودة، محذراً من أن نجاح أساليب التهريب والدعم غير الشرعي في السودان قد يغري بتكرارها في صراعات مشابهة حول العالم.
وختم ساندرز مقاله بالتشديد على أن وقف تدفق الأسلحة إلى السودان لم يعد مجرد ضرورة سياسية، بل أصبح شرطاً حاسماً لإنهاء الصراع وإنقاذ البلاد من مزيد من الانهيار.