بعد أشهر من النزوح والدمار، بدأت مئات العائلات السودانية رحلة العودة إلى قراها في منطقة الجموعية بالريف الجنوبي لأم درمان، عقب نجاح القوات المسلحة السودانية في استعادة السيطرة على المنطقة التي تحولت خلال الشهور الماضية إلى ساحة معارك دامية أودت بحياة ما يزيد عن 250 شخصًا، وفق تقارير محلية.
وكان الجيش قد أعلن، في 20 مايو 2025، عن فرض سيطرته الكاملة على ولاية الخرطوم بعد إبعاد مقاتلي قوات الدعم السريع من آخر معاقلهم، وذلك بعد أن سبق له استعادة وسط العاصمة قبل شهرين.
وفي تصريحات لـ”الترا سودان”، قال سيف الدين أحمد الشريف، المتحدث باسم الجموعية، إن الأهالي بدأوا العودة بشكل تدريجي مع تحسن الوضع الأمني بفضل انتشار الجيش في المنطقة. الشريف وجّه اتهامات مباشرة لقوات الدعم السريع، متحدثًا عن “جرائم تطهير عرقي وإبادة جماعية” نُفذت بحق المدنيين خلال فترة سيطرتهم على القرى.
كما أشار إلى أن الخسائر لم تقتصر على الأرواح فحسب، بل طالت أيضًا البنية التحتية التي تعرضت لتدمير شبه كامل. وأوضح أن محطات المياه وشبكات الكهرباء خرجت عن الخدمة بفعل التخريب والسرقة، خاصة بعد نهب النحاس من المحولات قبيل انسحاب قوات الدعم السريع. وطالب الشريف حكومة ولاية الخرطوم بسرعة التدخل لإعادة الخدمات الأساسية وتمكين السكان من استئناف حياتهم الطبيعية، لاسيما الأنشطة الزراعية والتجارية التي يعتمدون عليها.
وفي سياق متصل، أدى والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة صلاة عيد الأضحى بمسجد الشيخ البشير في المنطقة، حيث تعهّد بإعادة تأهيل شبكات المياه والصحة، وتعزيز الوجود الأمني في القرى المتضررة، مؤكدًا التزام حكومته بدعم عودة الحياة إلى طبيعتها.
وشملت جولة الوالي زيارة للمقبرة الجماعية بمنطقة “إيد الحد”، التي تضم رفات ضحايا سقطوا خلال موجة العنف التي اجتاحت الريف الجنوبي. وتأتي هذه التطورات في ظل مطالبات حقوقية محلية ودولية بوقف كافة أشكال الانتهاكات وعمليات التهجير القسري، مع دعوات لمحاسبة المتورطين في القتل خارج نطاق القانون.
يُذكر أن قرى الريف الجنوبي كانت قد تحولت إلى مسرح لهجمات انتقامية أعقبت انسحاب قوات الدعم السريع من الخرطوم في 27 مارس 2025، ما أجبر آلاف المدنيين على الفرار وسط تواصل الاعتداءات لأكثر من شهر.
اليوم، ومع عودة الأهالي، يظل التحدي الأكبر هو إعادة بناء ما دمرته الحرب، واستعادة الأمن الكامل في منطقة لا تزال تلملم جراحها.