كشفت مصادر سودانية مطّلعة عن توجه قوي داخل دوائر صنع القرار للإبقاء على وزراء الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام في مواقعهم التنفيذية، ضمن التشكيل الوزاري المرتقب الذي يعمل رئيس الوزراء كامل إدريس على وضع لمساته الأخيرة عليه.
وبحسب هذه المصادر، فإن التعديل الوزاري المرتقب لن يشمل وزارتي الطاقة والصحة، فيما ستحتفظ الحركات المسلحة بحقائبها كما كانت في الحكومة السابقة، في خطوة تهدف إلى احتواء الاحتقان داخل صفوف الحركات المتحالفة مع الجيش، خاصة من مسار دارفور.
مصدر قريب من رئاسة الوزراء أفاد بأن إدريس تلقى تحذيرات من دوائر مؤثرة بضرورة الحفاظ على الوضع القائم، بعد تسرّب معلومات عن محاولته إعادة توزيع حصص الحركات، الأمر الذي فجّر موجة من التذمر والاعتراضات داخل معسكر الحركات، لا سيما وسط قادتها البارزين.
وفي السياق، شدد محمد زكريا، المتحدث باسم حركة العدل والمساواة، في بيان رسمي، على تمسّك الحركات الموقعة على اتفاق جوبا بجميع بنود الاتفاق، بما في ذلك المناصب التنفيذية، التي اعتبرها استحقاقًا لا مجال للمساومة فيه.
وأكدت تسريبات إعلامية سابقة أن الحركات طالبت ببقاء الوزراء الحاليين في مواقعهم، وعلى رأسهم جبريل إبراهيم في المالية، ومحمد بشير أبو نمو في المعادن، وأحمد آدم بخيت في وزارة الرعاية الاجتماعية.
ويبدو أن مقترحًا قدمه إدريس بفصل مهام التخطيط الاقتصادي عن وزارة المالية وإنشاء مجلس قومي للتخطيط قد ووجه برفض صريح من بعض الفاعلين داخل الحكومة المؤقتة ببورتسودان، ما أعاد خلط الأوراق وأجّل الحسم في التعديلات المرتبطة بالملف الاقتصادي.
ويُذكر أن اتفاق جوبا، الموقع في أكتوبر 2020، منح الحركات المسلحة 25% من مقاعد السلطة التنفيذية، إلى جانب تمثيل في السيادي والولايات، ومنصب حاكم إقليم دارفور، ما جعل أي تعديل في هذه التوازنات محفوفًا بالتعقيدات.
وكان رئيس الوزراء كامل إدريس قد دشن فعليًا تشكيل حكومته يوم الثلاثاء بتعيين كل من الفريق حسن داؤود كبرون وزيرًا للدفاع، والفريق شرطة بابكر سمرة وزيرًا للداخلية، في خطوة وُصفت بأنها البداية العملية لتشكيل حكومة من 22 وزيرًا من الكفاءات غير الحزبية، على أن يتم إعلانها تدريجيًا.
ويأتي هذا الحراك السياسي بعد فراغ تنفيذي استمر لأكثر من عامين منذ استقالة عبد الله حمدوك، وسط آمال بأن تساهم الحكومة المرتقبة في تخفيف حالة الاحتقان السياسي وتثبيت الاستقرار في بلد يتقلب على وقع أزمات متداخلة.