«تحالف النيل»: شراكة استراتيجية بين السودان ومصر تعيد رسم خريطة الاقتصاد الإقليمي
متابعات _ أنباء السودان
«تحالف النيل»: شراكة استراتيجية بين السودان ومصر تعيد رسم خريطة الاقتصاد الإقليمي
متابعات _ أنباء السودان _ في ظل التحديات الجيوسياسية والاقتصادية المتزايدة، تتجدد فرص التكامل بين السودان ومصر، حيث تشهد العلاقات الاقتصادية بين البلدين نقلة نوعية نحو شراكة استراتيجية قائمة على المصالح المتبادلة والرؤى التنموية المشتركة
.
يأتي نهر النيل في قلب هذه العلاقة، ليس كمورد مائي فقط، بل كمرتكز لمشروعات زراعية ضخمة، يستثمر فيها الجانبان عبر دمج الأراضي السودانية الخصبة بخبرات مصر في إدارة المياه والزراعة الذكية. هذا التعاون الزراعي يفتح الباب أمام تحقيق الأمن الغذائي للبلدين وخلق فائض تصديري.
في قطاع الطاقة، يمثل الربط الكهربائي بين القاهرة والخرطوم نقلة في مسار التنمية، إذ تسهم الشبكة في تغطية احتياجات السودان الشمالية والشرقية، وتُعد أساسًا لمشروعات صناعية مشتركة مستقبلًا.
أما في مجال النقل، فقد أدى افتتاح الطريق البري بين دنقلا وأسوان إلى تسهيل حركة البضائع وتقليل التكاليف، خصوصًا بعد تراجع النقل البحري عبر البحر الأحمر. هذا الطريق، ومعبر أرقين، يُمهّدان لتدشين ممر تجاري بري يربط السودان بالموانئ المصرية، ومن هناك إلى السوق الأوروبية عبر قناة السويس.
تتزايد حجم التبادل التجاري بين البلدين بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة، حيث تعتمد الأسواق السودانية على الواردات المصرية من الأغذية والأدوية والمعدات الزراعية، بينما تصدّر الخرطوم منتجات زراعية وحيوانية إلى القاهرة. وتسعى الحكومتان إلى إزالة الحواجز الجمركية والفنية لدعم بيئة الاستثمار.
ورغم تعثّر مشروع التكامل الزراعي القديم الموقع في ثمانينيات القرن الماضي، إلا أن التغيرات المناخية والتحديات الاقتصادية العالمية أحيت الرغبة في تنفيذه مجددًا، خاصة في مناطق مثل مشروع الجزيرة وسواحل البحر الأحمر.
ولا يقتصر التكامل على الاقتصاد والبنية التحتية، بل يمتد إلى التعليم والتدريب والتبادل البشري، حيث تعد مصر وجهة تعليمية مفضلة للطلاب السودانيين، بينما تستفيد مشروعات البناء والتعدين في السودان من العمالة المصرية الماهرة.
وتعمل الدولتان على لعب دور محوري في مشاريع الربط القاري في إفريقيا، سواء عبر سكك الحديد أو الممرات التجارية، في محاولة لتوسيع النفوذ الاقتصادي الإقليمي وتعزيز التجارة البينية داخل القارة.
كما يُنتظر أن يصبح الذهب السوداني أحد عناصر الشراكة المستقبلية، عبر التعاون في التكرير والتصدير، ما يسهم في دعم الاقتصاد السوداني وتوفير النقد الأجنبي.
ويظل نجاح هذه الشراكة رهينًا بإرادة سياسية مستدامة، ورؤية استراتيجية طويلة الأمد تبني على المصالح المشتركة، وتضع حجر الأساس لحزام اقتصادي قوي على ضفاف النيل، قادر على مواجهة المتغيرات وتحقيق ازدهار شعبي البلدين.