الدولار يحلق والجمركي يقفز مجددًا
متابعات_أنباء السودان _سجّل سعر صرف الدولار في السوق الموازي بالسودان قفزة غير مسبوقة، وسط استمرار الحرب الدائرة منذ أبريل 2023 بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، والتي ألقت بظلالها الثقيلة على الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
ووفق مصادر متطابقة، افتتحت تعاملات السوق يوم الخميس بارتفاع جديد في متوسط سعر الدولار، ليصل إلى 2,845 جنيهًا سودانيًا، مقارنة بنحو 560 جنيهًا فقط قبل عامين، ما يمثل تدهورًا تجاوز 400% في قيمة العملة المحلية خلال الفترة المذكورة.
يأتي هذا التصاعد بالتزامن مع إعلان وزارة المالية عن زيادة ثالثة في قيمة الدولار الجمركي خلال العام الجاري، حيث ارتفع من 2,000 إلى 2,400 جنيه، في محاولة لتقليل الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازي، الذي بات يمثل المصدر الرئيسي لتداول النقد الأجنبي، في ظل تراجع الثقة العامة في الجهاز المصرفي.
مصادر في مدينة وادي حلفا أكدت أن القرار فاجأ قطاع التخليص الجمركي، وتسبب في حالة من الارتباك، خاصة في المعابر البرية مع مصر، مما أدى إلى تباطؤ دخول السلع وارتفاع حالة الغضب بين التجار، الذين اعتبروا القرار غير مدروس ويزيد من أعباء الاستيراد بشكل كبير.
ووفق ذات المصادر، فإن الحكومة بدأت تطبيق السعر الجديد للدولار الجمركي في كافة المنافذ، بما في ذلك المطارات والمعابر الحدودية، ما يعني احتساب قيمة السلع المستوردة على هذا الأساس، ضمن سياسات تهدف إلى تعويض العجز في الميزانية العامة.
ويرى مراقبون أن الارتفاع المستمر في سعر الدولار يعود إلى شح المعروض من العملات الأجنبية، مقابل ارتفاع كبير في الطلب، نتيجة ازدياد التحويلات غير الرسمية، وتراجع الدعم الخارجي، إلى جانب سحب الودائع من البنوك، مما زاد من اضطراب سوق الصرف.
وتشير تقارير اقتصادية إلى أن أسعار العملات الأجنبية أصبحت متقلبة على نحو يومي، وتشهد تغيرات متكررة خلال اليوم الواحد، ما يعكس هشاشة السوق النقدية وغياب سياسة اقتصادية واضحة المعالم.
وفي السياق ذاته، بدأت بعض البنوك السودانية برفع تدريجي في أسعار العملات الأجنبية، حيث بلغ سعر الدولار في بعضها 2,250 جنيهًا، الأمر الذي يعكس صعوبة ضبط الفجوة بين السعر الرسمي والموازي، وفشل السياسات النقدية في احتوائها.
وحذّرت مؤسسات دولية من أن استمرار الأوضاع السياسية والأمنية الحالية قد يدفع الدولار لتجاوز حاجز 3,000 جنيه، ما سيؤدي إلى مزيد من التضخم ويؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين.
ويرى خبراء مصرفيون أن الحرب تسببت في شلل شبه كامل للاقتصاد السوداني، حيث تراجعت الإيرادات الضريبية، وتدهور أداء القطاعات الإنتاجية، مع عجز البنوك عن تمويل واردات حيوية كالمحروقات والقمح والدواء. ويواجه بنك السودان المركزي ضغوطًا متزايدة في ظل استمرار طباعة العملة دون وجود غطاء نقدي أو احتياطي من العملات الأجنبية.
من جانبه، أكد وزير المالية جبريل إبراهيم أن الحكومة ستواصل تطبيق سياسة تحرير تدريجي للدولار الجمركي حتى يتطابق مع سعر السوق، معتبرًا أن هذه الخطوة ضرورية لتعويض الفاقد الكبير في الإيرادات العامة جراء الحرب، والتي أدت إلى فقدان نحو ثلثي موارد التمويل الحكومية.
وتبقى هذه السياسات موضع جدل واسع في الأوساط الاقتصادية، وسط دعوات متزايدة لوضع رؤية شاملة لإصلاح الاقتصاد ومعالجة جذور الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عامين.