تواجه إدارة الرئيس الكيني ويليام روتو مجموعة من التحديات المتداخلة التي تهدد تنفيذ برنامجه الانتخابي الطموح، إذ كشفت الرئاسة عن عشر مشكلات نظامية تُبطئ أداء الحكومة، أبرزها العجز المالي، وتراجع تمويل المشاريع التنموية، وضعف الرقابة وتقييم الأداء، إلى جانب خلل في الالتزام بتنفيذ الخطط الحكومية.
في المقابل، أعلنت الإدارة عن حزمة إجراءات من عشرين خطوة إصلاحية تهدف إلى تحسين تقديم الخدمات العامة، واستعادة ثقة المواطنين، وتثبيت الأداء المؤسساتي على أسس أكثر فعالية واستقرارًا.
وتضمنت هذه الإجراءات محاولات لتقوية التنسيق بين مستويات الحكم المختلفة، والتغلب على البيروقراطية والتشريعات المعرقلة، وكسر عزلة المبادرات الحكومية التي تُدار بشكل فردي أو دون تكامل.
وتأتي هذه الجهود في وقت تتصاعد فيه تأثيرات أزمات متعددة تتجاوز الإطار المحلي، من بينها التغيّرات الجيوسياسية، والتوترات الإقليمية، والكوارث المناخية، فضلاً عن تحديات التحول التكنولوجي، وتهديدات الأمن السيبراني، وانتشار التضليل الإعلامي.
وترى الإدارة أن معالجة هذه التحديات تتطلب نمطًا جديدًا من العمل الحكومي، أكثر شمولًا واستجابة، يدفع نحو تنمية اقتصادية وفرص عمل متجددة.
وفي سبيل تحقيق ذلك، طرحت الحكومة توجهات جديدة، من ضمنها الاستثمار في مهارات الشباب، عبر برامج تدريبية تركز على اللغات الأجنبية والجاهزية لسوق العمل العالمي، إلى جانب إعادة النظر في الاستراتيجية الاقتصادية وفتح أسواق جديدة للمنتجات الكينية، خاصة في المناطق ذات المزايا التنافسية.
ولتعزيز المشاركة المجتمعية، تم التأكيد على إشراك أصحاب المصلحة في كافة المستويات، مع الدفع نحو شراكات دولية متكافئة تُخدم أجندة الإصلاح. كما طُرحت مبادرات لحماية مصالح الكينيين في مناطق النزاع، ومجابهة خطاب الكراهية والتلاعب بالمعلومات.
وفي القطاع الزراعي، رُسمت خطة لتحديث منظومة البيانات وتحسين دقتها، بما يدعم القرارات المبنية على الأدلة، ويعزز إنتاج الغذاء، ويرفع دخل المزارعين. وتوازى ذلك مع إجراءات لتسريع شراء المحاصيل من المنتجين، مما يضمن تدفق دخل مباشر لهم، ويُعيد النشاط إلى سلسلة القيمة الزراعية.
أما التعليم، فشهد اهتمامًا خاصًا، حيث تخطط الحكومة لسد فجوة النقص في المعلمين وتسريع التوظيف، تماشيًا مع منهج التعليم والتدريب المرتكز على الكفاءة، إلى جانب تحسين البنية التحتية ببناء مختبرات وتجهيزات مدرسية حديثة في عموم البلاد.
وفيما يخص الجامعات، يخضع نموذج تمويلها لإعادة تصميم تهدف إلى ضمان عدالة توزيع الموارد عبر آلية تقييم دخل دقيقة للطلبة، بما يحفظ حقوقهم ويضمن استدامة الدعم.
وفي مجال الصحة، أُعيد التأكيد على تعميم التأمين الصحي، مع تسجيل كل مواطن وأسرته في المنظومة الجديدة، مدعومة بخطة توزيع المعدات الطبية الحديثة، وتفعيل إصلاحات جوهرية في وكالة الإمدادات الطبية، بالشراكة مع حكومات الأقاليم.
ومن بين أبرز المسارات الإصلاحية تسريع رقمنة الخدمات الحكومية وربط كل المؤسسات العامة بمنصة إلكترونية موحدة للمواطنين، ما يُفترض أن يُقلص من فرص الفساد، ويرفع من كفاءة الأداء ويعزز الإيرادات.
وتتوسع الحكومة كذلك في برنامج الإسكان الميسر، مع خطط لربط هذا القطاع بسلاسل التوريد المحلية، بما يسهم في تحفيز الاقتصاد، وفتح فرص جديدة للعمالة. كما تستعد كينيا للدخول في اتفاقيات عمل ثنائية جديدة أو تعديل القائمة، لضمان مكانة أفضل للعمال الكينيين في السوق الدولي.
مجمل هذه الخطوات تعكس توجهًا نحو إعادة هندسة الدولة لتكون أكثر مرونة وابتكارًا، في مواجهة متغيرات داخلية وخارجية معقدة، بينما تسعى الحكومة للحفاظ على زخم الوعود الانتخابية وسط اختبارات الواقع الصعب.