انباء السودان

تطورات بشأن القاعدة الروسية بالسودان

0

في تطور جديد يعيد فتح ملف القاعدة البحرية الروسية في السودان، كشف عباس محمد بخيت، رئيس الوفد السوداني المشارك في مؤتمر الأمن الدولي بموسكو، أن الاتفاق المتعلق بإنشاء قاعدة عسكرية روسية في بورتسودان ما زال معلقًا بانتظار المصادقة البرلمانية، التي تعرقلها هشاشة المؤسسات الانتقالية في البلاد.

 

هذا التصريح يأتي ليؤكد استمرار حالة التريث السوداني في تنفيذ اتفاق أثار الكثير من الجدل إقليميًا ودوليًا، وسط تداخل حسابات النفوذ في البحر الأحمر والقرن الإفريقي، حيث ترى موسكو في السودان بوابة استراتيجية إلى قلب إفريقيا، بينما تحذر قوى غربية من منح روسيا موطئ قدم في ممر مائي بالغ الحساسية.

 

وأشار بخيت إلى أن الاتفاق الذي وُقّع إبان حكم الرئيس المخلوع عمر البشير، لم يدخل حيز التنفيذ حتى اليوم بسبب غياب مؤسسة تشريعية منتخبة منذ سقوط النظام السابق، ما يضع السودان في حالة “شراكة معلقة” مع روسيا بانتظار ما ستسفر عنه التسويات السياسية في الداخل.

 

الاتفاقية – التي أقرّها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في نوفمبر 2020 – تتيح لموسكو إنشاء منشأة بحرية قادرة على استقبال أربع سفن حربية، بما فيها تلك العاملة بالطاقة النووية، مع تواجد يصل إلى 300 من العسكريين والمدنيين الروس. في المقابل، تحصل الخرطوم على دعم عسكري ولوجستي، وسط حاجة ملحة لدى الجيش السوداني لتحديث معداته الروسية الصنع.

 

ومع أن الجانبين أعلنا في وقت سابق من هذا العام عن “تفاهم كامل” حول المشروع، إلا أن الاضطرابات السياسية والعسكرية التي تعصف بالسودان ما تزال تلقي بظلالها على مآلات الاتفاق، وتفتح الباب أمام تحركات مضادة من قوى إقليمية ودولية تتخوف من تمدد النفوذ الروسي في البحر الأحمر.

 

تحولات استراتيجية في عمق البحر الأحمر

 

لا يقتصر المشروع الروسي على إنشاء قاعدة بحرية فحسب، بل يمثل حجر زاوية في إعادة تشكيل خارطة النفوذ في المنطقة. فبعد خسارة موسكو لقاعدتها في بربرة الصومالية إبّان تفكك الاتحاد السوفييتي، بقيت روسيا بدون حضور عسكري مباشر في البحر الأحمر، مكتفية بموطئ في طرطوس السورية. القاعدة السودانية، إن رأت النور، ستمنح الكرملين قدرة على الانتشار في السواحل الإفريقية، وتحريك أساطيله في وجه النفوذ الأميركي والغربي.

 

كما يندرج المشروع ضمن سلسلة اتفاقات أمنية وعسكرية أوسع، تشمل تسهيل عبور السفن الحربية الروسية وتبادل المعلومات الاستخبارية، وفقًا لتصريحات سابقة من وزير الدفاع السوداني ياسين إبراهيم، الذي أشار إلى وجود أربع اتفاقيات في هذا المسار.

 

زيارة محتملة للبرهان وتأكيدات على التنسيق الاستخباراتي

 

وعلى هامش مشاركته في المنتدى الأمني بموسكو، كشف بخيت عن تحضيرات لزيارة مرتقبة لرئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان إلى العاصمة الروسية في أكتوبر المقبل، للمشاركة في القمة الروسية العربية.

الزيارة، إن تمت، قد تكون حاسمة في إضفاء زخم جديد على الاتفاقية البحرية المجمدة، وتأكيد التزام الخرطوم بالمسار الاستراتيجي مع موسكو.

 

بخيت شدد كذلك على متانة التعاون الأمني بين البلدين، مؤكدًا أن التنسيق الاستخباراتي ومكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية تمثل جوانب فعّالة في العلاقة الثنائية، رغم الضغوط الغربية المتزايدة.

 

حسابات الداخل والخارج تعرقل الولادة الرسمية للاتفاق

 

رغم ما يبدو من انسجام مصالح بين الخرطوم وموسكو، تبقى معضلة التصديق البرلماني حجر عثرة في وجه الاتفاق. وهو ما يربط مصير المشروع بتطورات الصراع الداخلي، وتشكيل سلطة مدنية قادرة على إعادة هيكلة المؤسسات، وتمرير اتفاقيات استراتيجية كهذه.

 

في المقابل، تواصل الولايات المتحدة وعدد من حلفائها الضغط على السودان لوقف أي خطوات تُفضي إلى تعزيز الحضور الروسي في البحر الأحمر، في ظل تصاعد التنافس الجيوسياسي حول هذا الممر المائي الحيوي.

 

وبينما يبحث السودان عن شراكات بديلة تكسر طوق العزلة وتمنحه دعماً عسكريًا يفتقر إليه، تحاول روسيا توسيع نطاق تحركها العسكري والبحري في إفريقيا، عبر باب السودان، الذي يبقى مفتوحًا نظريًا.. ومؤجلاً عمليًا حتى إشعار آخر.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.