في حديث خاص، أعرب وزير المالية السوداني د. جبريل إبراهيم عن دعمه لتعيين رئيس وزراء مدني جديد في السودان، واعتبر أن هذه الخطوة تمثل دفعة قوية لمسار الانتقال المدني الذي ينشده الشعب السوداني.
وأشار جبريل، رئيس حركة العدل والمساواة وأحد الموقعين على اتفاق جوبا للسلام، إلى أن رئيس الوزراء المكلف كامل إدريس يواجه تحديات معقدة تستلزم تحركاً سريعاً لعقد مشاورات موسعة بهدف تشكيل حكومة قادرة على تلبية متطلبات المرحلة، مضيفاً أن إدريس قد يلجأ إلى تشكيل حكومي جزئي في البداية لسد الشواغر الملحة، خاصة في الوزارات التي نص عليها اتفاق جوبا إلى جانب حقيبتي الدفاع والداخلية اللتين يختارهما مجلس السيادة.
وحول النقاش الدائر بشأن حصة الحركات المسلحة في الحكومة، أوضح جبريل أن اتفاق جوبا يضمن بقاء هذه الحصص حتى نهاية المرحلة الانتقالية، مع مرونة تتيح للحركات تغيير ممثليها أو تبادل الحقائب الوزارية بالتنسيق مع رئيس الوزراء.
وفي ما يتعلق بالأموال المخصصة لتنمية دارفور، كشف جبريل أن تلك الالتزامات لم يتم الوفاء بها بسبب تداعيات الحرب المستمرة، موضحاً أن مسؤوليته كوزير مالية تقتضي تحقيق العدالة في توزيع الموارد على جميع مناطق السودان دون تمييز.
وبخصوص الوضع الميداني في الفاشر، أكد جبريل أن المدينة تعيش مأساة حقيقية في ظل حصار خانق تفرضه قوات الدعم السريع منذ أكثر من عام، مشيراً إلى أن هذه القوات تتعمد تجويع المدنيين، بينما باتت عمليات الإسقاط الجوي محفوفة بالمخاطر بعد امتلاك الدعم السريع لمنظومات دفاع جوي قادرة على إسقاط الطائرات. وألمح إلى أن الحل العسكري لفك الحصار ما زال مطروحاً رغم تعقيداته.
جبريل وجه انتقادات لاذعة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية، متهماً إياها بالتقصير في إنقاذ المحاصرين في الفاشر، وأكد أن الدعم السريع يتعمد استهداف قوافل الإغاثة، مستشهداً بما جرى مؤخراً لقافلة المساعدات الإنسانية التي أُحرقت قرب الكومة.
وعن سير العمليات العسكرية، اعتبر جبريل أن تراجع الجيش في بعض المواقع لا يعدو أن يكون جزءاً من طبيعة الحرب التي تتسم بالمد والجزر، مشدداً على أن الجيش السوداني حقق مكاسب ميدانية كبيرة منذ سبتمبر الماضي، وهو قادر على بسط سيطرته في جميع أنحاء البلاد.
ونفى جبريل بشكل قاطع التقارير التي تتهم الجيش السوداني باستخدام أسلحة كيميائية، داعياً إلى تشكيل لجنة دولية نزيهة لتقصي الحقائق.
كما كشف عن وجود مقاتلين أجانب في صفوف الدعم السريع، بينهم مرتزقة كولومبيون تم رصدهم عبر وثائق ومستندات، فضلاً عن استخدام طائرات مسيرة انطلقت من ميناء “بوساسو” في الصومال، الذي وصفه بأنه خارج سيطرة الحكومة المركزية.
فيما يتعلق بالحل السياسي، شدد جبريل على أن حركته منفتحة على التفاوض، لكن المسار يجب أن يكون مع الأطراف التي تدير الدعم السريع خلف الكواليس، مؤكداً أن الشارع السوداني يرفض أي اتفاق يعيد الدعم السريع إلى الساحة السياسية أو العسكرية.
وأكد أن الحل الوحيد المقبول هو استسلام هذه القوات وتجميعها في معسكرات استعداداً لعمليات الدمج والتسريح وفق المعايير المتفق عليها دولياً.
جبريل أشار أيضاً إلى أن هناك مبادرة إقليمية مشتركة بين قطر ومصر والسعودية وتركيا يجري طرحها لحل الأزمة السودانية، معتبراً أن هذه المبادرة تحمل فرص نجاح أكبر من المبادرات الفردية، لكنه حذر من تدخل الولايات المتحدة، التي قال إنها قد تعرقل أي جهود تسوية بسبب أجنداتها الخاصة.
وعن الوضع الغذائي في السودان، نفى جبريل وجود مجاعة شاملة، مشيراً إلى أن السودان نجح في تحقيق إنتاج وفير خلال العامين الماضيين رغم الحرب، بل وتمكن من تصدير بعض المحاصيل.
وأوضح أن النقص الغذائي يقتصر على المناطق التي تخضع لحصار الدعم السريع مثل الفاشر وكادقلي،
مؤكداً أن الحكومة تعمل على توفير مستلزمات الإنتاج الزراعي للموسم القادم بدعم من منظمات دولية ومن خلال تسهيلات مصرفية محلية.