في تطور لافت ضمن محاولات إنهاء النزاع السوداني المستمر، أعلن رئيس حركة العدل والمساواة ووزير المالية السابق، جبريل إبراهيم، عن ولادة مبادرة إقليمية جديدة تستهدف وقف الحرب في السودان، بمشاركة مؤثرة من مصر وقطر والسعودية وتركيا.
تحالف إقليمي قد يكسر الجمود
جبريل، الذي تحدّث لموقع “الجزيرة نت”، أشار إلى أن هذه المبادرة تختلف جذريًا عن المحاولات السابقة التي كانت أحادية أو محدودة التأثير، مؤكدًا أن تعدد الأطراف الإقليمية القوية هذه المرة يمنح المبادرة زخماً حقيقياً وفرصة أكبر لتحقيق نتائج ملموسة. وأوضح أن المبادرة تستمد قوتها من “توازن القوى” بين الدول المشاركة، ما قد يجعلها أكثر قبولاً داخل الشارع السوداني.
رسالة واضحة: لا دور للولايات المتحدة
في تصريح نادر الوضوح، حذّر جبريل من إقحام الولايات المتحدة في تفاصيل المبادرة، معتبراً أن واشنطن تحمل أجندات قد تُقوّض أي جهد صادق لحل الأزمة. وقال إن الحل يجب أن يبقى “سودانياً – إقليمياً”، بعيداً عن التدخلات الغربية التي أثبتت التجربة أنها لا تصب في مصلحة السودان.
الدعم السريع.. خط أحمر في أي مفاوضات
وفيما يتعلّق بمستقبل قوات الدعم السريع، قطع جبريل الطريق أمام أي حديث عن إعادة إدماج هذه القوة في المشهد السياسي أو العسكري، واصفًا ذلك بأنه “خيانة لدماء السودانيين”. وأكد أن الشعب السوداني بات يرفض بشكل قاطع أي تسوية تمنح الدعم السريع شرعية جديدة.
وشدد جبريل على أن المخرج الوحيد المقبول يتمثل في استسلام قوات الدعم السريع، مع إخضاع أفرادها لعمليات تجميع وإعادة تقييم بغرض التسريح أو الدمج وفق معايير صارمة في إطار إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية السودانية.
مبادرة جدة فقدت الزخم.. والرهان يتحوّل إلى الإقليم
المراقبون يرون أن المبادرة الجديدة تحظى بزخم إقليمي قد يعوّض إخفاقات مبادرات سابقة مثل “مبادرة جدة”، التي رعتها الولايات المتحدة والسعودية، دون أن تتمكن من كبح تصاعد الأزمة أو وقف المأساة الإنسانية المتفاقمة.
تأتي هذه المبادرة في وقت يشهد السودان فيه انهياراً واسعاً لمؤسسات الدولة وتدهوراً إنسانياً خطيراً، ما جعل القوى الإقليمية تسابق الزمن لتطويق الأزمة قبل أن تمتد نيرانها إلى دول الجوار.
غضب شعبي ضد أي تسويات “مرنة”
جبريل نبّه إلى أن الرأي العام السوداني أصبح في حالة قطيعة تامة مع فكرة الحلول الوسط مع الدعم السريع، وأن أي محاولة لإعادة تأهيل هذه القوات ضمن تسوية سياسية ستواجه رفضاً شعبياً عارماً قد ينسف فرص أي اتفاق مستقبلي.
وأكد أن الدعم السريع فقد مكانته إلى الأبد في الوجدان السوداني بسبب الجرائم التي ارتكبها في حق المدنيين، وأن أي تسوية تتجاهل هذه الحقيقة لن تكون قابلة للحياة.