يمر مطار الخرطوم الدولي بمرحلة حرجة تهدد استمرارية عمله الآمن، نتيجة التوسع العمراني العشوائي الذي يزحف نحو محيطه دون أي ضوابط تخطيطية. هذا الوضع الخطير لا يشكل مجرد تعدٍ عمراني، بل يمثل تهديدًا مباشرًا لحركة الملاحة الجوية ويعرض الطائرات لمخاطر تشغيلية قد تكون كارثية.
المعايير الدولية التي وضعتها منظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو) تشترط وجود مساحات خالية من العوائق في محيط المدارج لضمان عمليات إقلاع وهبوط آمنة، مع تحديد ارتفاعات صارمة للمباني المجاورة وفق أسطح انحدارية تخيلية تُعرف باسم “سطوح الحماية الملاحية”. غير أن الوضع في مطار الخرطوم يبدو بعيدًا عن هذه الاشتراطات.
من أبرز التجاوزات التي تُنذر بعواقب وخيمة، وجود مبانٍ مرتفعة داخل مناطق الإقلاع والهبوط مثل مجمع سكن الشرطة خلف السجن العمومي في كوبر، بالإضافة إلى مبنى مستشفى الجيش الجديد القريب من مدرج 18، وهي منشآت تؤثر سلبًا على دقة الأجهزة الملاحية وعلى رأسها نظام الهبوط الآلي (ILS).
ورغم التحذيرات المبكرة التي أصدرتها سلطة الطيران المدني السوداني ضد هذه المخالفات، إلا أن تلك التنبيهات لم تلقَ الاستجابة المطلوبة من الجهات المنفذة، مما يُعد انتهاكًا واضحًا للقوانين المحلية والمعايير الدولية المتعلقة بسلامة الطيران.
متخصصون في شؤون الطيران أكدوا أن استمرار هذا الوضع من شأنه أن يعقد عمليات الهبوط والإقلاع ويزيد من احتمالية وقوع حوادث جوية، ما يستدعي تدخلاً عاجلاً وحازماً لوقف التعديات العمرانية المحيطة وضمان بيئة تشغيل آمنة للمطار.
ويأتي هذا الملف في سياق مرحلة دقيقة تمر بها البلاد، حيث تعزز حماية الأجواء وضمان سلامة الرحلات الجوية من عوامل الاستقرار الوطني وسط التحديات الأمنية والاقتصادية التي يعيشها السودان حالياً.