تحقيق دولي يكشف دورًا إماراتيًا خفيًا في صراع السودان
متابعات _ انباء السودان _ تقرير استقصائي حديث نشرته وكالة “بلومبرغ” الأمريكية عن تنامي النفوذ الإماراتي في القارة الإفريقية، مع تركيز خاص على السودان، عبر ما وصفه التقرير بـ”استراتيجية متعددة الأبعاد” تشمل الاستثمار والمساعدات الإنسانية، إلى جانب دعم مزعوم لأطراف عسكرية فاعلة في النزاع السوداني.
وأشار التقرير، الذي أعده الصحفي سايمون ماركس، إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة انتهجت سياسة توسع ناعمة في إفريقيا، مستفيدة من التراجع النسبي للدور الغربي والصيني في المنطقة. ووفقًا للتحقيق، فإن هذه السياسة تجاوزت الجوانب الاقتصادية والإنسانية، لتتضمن أبعادًا أمنية وعسكرية مثيرة للجدل، خاصة ما يتعلق بالدعم المقدم لقوات الدعم السريع في السودان.
وسلط التقرير الضوء على اتفاق تم توقيعه بين الإمارات وجمهورية إفريقيا الوسطى في أواخر عام 2023، يتيح للإمارات الوصول إلى مهابط طيران نائية، مقابل استثمارات في قطاعات الزراعة والتعدين والدفاع، وهو ما اعتبره مراقبون خطوة لبناء شبكة إمداد لوجستي في المنطقة.
كما أشار التقرير إلى افتتاح الإمارات لمستشفيات ميدانية في كل من شمال بحر الغزال بجنوب السودان ومدينة أمدجراس في تشاد، والتي يعتقد أن بعضها يخدم جرحى من قوات الدعم السريع. وربط التقرير هذه الأنشطة بتقارير أممية تتحدث عن حركة شحنات أسلحة عبر الحدود إلى مناطق النزاع في دارفور.
ومن بين الأدلة المثيرة للقلق، وثيقة سرية نُشرت في نوفمبر 2024، أفادت بزيادة غير مسبوقة في الرحلات الجوية بين الإمارات وتشاد، تزامنًا مع تصاعد القتال في مدينة الفاشر السودانية، مما أثار شكوكًا بشأن وجود دعم عسكري غير مباشر.
في السياق ذاته، أشار التقرير إلى أن الإمارات تسعى إلى تعزيز صورتها كجهة فاعلة إنسانيًا، من خلال زيارات وفود رسمية إلى معسكرات اللاجئين في جنوب السودان وتقديم مساعدات إنسانية، بينما يرى خبراء أن هذا النشاط يحمل أبعادًا سياسية تهدف إلى ترسيخ نفوذ استراتيجي طويل الأمد في المنطقة.
من جهة أخرى، أوضح التقرير أن صادرات الذهب السوداني، والتي تُقدّر قيمتها السنوية بنحو ملياري دولار، تتجه بنسبة كبيرة نحو الإمارات، حيث يتم معالجتها دون شفافية كافية بشأن عائداتها، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد.
ورأى كاميرون هدسون، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن ما يجري هو جزء من “عملية سرية معقدة”، مشيرًا إلى أن دولة مثل تشاد منحت الإمارات مساحة للتحرك دون رقابة دولية كافية. فيما وصف رئيس جيبوتي، إسماعيل عمر جيله، الأنشطة الإماراتية في القرن الإفريقي بأنها “ذات أثر مقلق على استقرار الإقليم”.
واختتم التقرير بالإشارة إلى أن ما يحدث في السودان قد يكون نموذجًا لسياسة أوسع تستهدف دولًا إفريقية أخرى تعاني من النزاعات وضعف المؤسسات، في ظل تحوّل أدوات التنمية والمساعدات إلى وسائل تأثير جيوسياسي متقدمة.