انباء السودان

هل هي “حرب الكرامة” فعلا ؟

0

أنباء السودان |

عثمان ميرغني

هل هي “حرب الكرامة” فعلا ؟

طبعا لا.. هي ليست عن”الكرامة”.. فالذي حدث ويحدث لا علاقة له بالكرامة بل خيار بين البقاء والفناء.. الوجود أو التلاشي لوطن وشعب و أمة سودانية.. تواجه أصعب امتحان في تاريخها التليد.
لكن للأسف أطلقوا عليها “حـرب الكرامة” فحولوها إلى ما يشبه “الشكلة” بين متخاصمين.. بل وأكثر حولوها إلى مباراة هلال مريخ بين كتل سياسية.. كيزان وقحاتة.. تقدم و كتلة ديموقراطية.. إلى آخر الثنائيات التي يغرق فيها الشعب السوداني منذ الاستقلال.

الدولة السودانية تواجه الآن طوفان الأجندة التي تحاول هندسة الأوضاع بما يجعل الفعل حتى ولو أتى من الضد ينتج عنه مزيدا من دعم المؤامرة.
الأزمة التي بدأت سياسية بمعطيات محلية تلبست بما يكفي من نوازع الشرور التي حولتها إلى استقطاب عسكري ثم مواجهة دموية بأحدث الأسلحة منذ صباح السبت 15 أبريل 2023..

وظلت حوالي ثلاثة أشهر بعد ذلك تدور في 20 كيومترا مربعا داخل ولاية الخرطوم.. ولكن فجأة انتشر لهيبها ليضم ولايات سودانية في الغرب والوسط و تحول حوالي 12 مليون مواطن سوداني إلى نازحين.. وأكثر من 4 مليون آخرين لاجئين في مختلف المهاجر.
تنشر المجاعة والأمراض الفتاكم في عدة ولايات فيواجه المواطن السوداني كل صنوف الشقاء بلا مؤسسات طبية ولا دواء ولا كوادر طبية..

ويرحل مئات الآلاف بهدوء دون أن ترصدهم سجلات ضحايا الحـرب.. السجلات الرسمية تقول أن الضحايا في حدود 150 ألف.. لكن الحقيقة أبشع من ذلك كثيرا إذا ضُم إليها الراحلون في صمت.. لتبلغ ربما ضعف الرقم..


هل كل ذلك.. مجرد”كرامة”؟؟..


أسوأ ما يحدث اليوم العجز عن توصيف الواقع.. ما يطلق عليه “أدب الحـرب”.. من أدب الحرب العالمية الثانية لا تزال خُطب ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا تدرس في المدارس والجامعات وتسجل في اللوحات الشرفية أمام بوابات المؤسسات الوطنية..

نجح تشرشل في ترفيع القضية أمام المحارب والمواطن العادي.. ليجعل الدافع ليس مجرد الانتقام من ألمانيا بل أعلى من ذلك كثيراً.


وعلى النقيض تماما هنا.. انحط الخطاب التعبوي ليجعل منها مجرد حفلة انتقام تحتشد بـ”الفتك والمتك والجغم” وغيرها من الكلمات.. وتجعل الغاية هي ابراء ذمة “الكرامة”!!


من أنتج هذا الخطاب؟ ومن يرسخه و يعزز وجوده؟؟..


خطاب مَن هذا؟ من يقف خلف صناعة مثل هذا الخطاب؟..


يجب الآن وخاصة بعد التطورات في الأسابيع الأخيرة.. أن نواجه مرحلة جديدة.. لم تعد معركة “كرامة”.. بل معركة بقاء أو فناء.. الدولة والوطن و الأمة السودانية.
والأمر لا يتعلق بالعلامة السياسية لتوصيف المعركة فحسب.. بل بـ”أدب الحرب” ذاته..


لابد من ترفيع الخطاب التعبوي.. أن لا يترك للصدفة أو النظرة الضيقة من الفكرة التي تنقصها الخبرة والدربة..


من اليوم يجب تعريف ما يجري في السودان بأنه “غزو” مكتمل الأركان للدولة السودانية.. وطالما أن ميثاق الأمم المتحدة ركيزته الأساسية هي “سيادة الدولة” في الأرض و الحدود و الشعب والموارد والمصالح.. فإن متطلبات المرحلة الجديدة ستختلف كليا.. خاصة في خطابها العام.


هذه معركة الاعلام الرشيد.. التي يجب أن يخوضها اليوم بلا انتظار.. من أجل الوطن كله.. والأمة السودانية..

حرب ١٥ أبريل

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.