مقالات _ انباء السودان_ منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023، شهد السودان صراعاً عنيفاً بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مما أسفر عن أزمة إنسانية مدمرة أدت إلى نزوح الملايين وتدمير واسع للبنية التحتية. هذا النزاع، الذي تفجر بعد توترات سياسية استمرت لفترة طويلة، يعكس حالة الفوضى والاضطراب التي تعيشها البلاد منذ الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير في 2019. وتفاقم الأزمة يثير قلقاً ليس فقط في السودان، بل أيضاً في منطقة القرن الإفريقي بشكل عام.
الباحثة سارة هشام، المتخصصة في الشؤون الإفريقية، ترى أن الفراغ السياسي الذي أعقب سقوط البشير ساهم في زيادة التوترات بين الجيش وقوات الدعم السريع. وتضيف أن الجيش يسعى لتعزيز سيطرته على المؤسسات الحكومية بينما تحاول قوات الدعم السريع الحفاظ على نفوذها، مما أدى إلى اندلاع صراع مسلح تمخض عن عنف عرقي وتدمير هائل للبنية التحتية في أنحاء البلاد.
تفاقم العنف العرقي والتوترات القبلية
تقول هشام إن مستوى العنف العرقي في الصراع الحالي غير مسبوق، حيث أن التوترات بين القبائل السودانية ازدادت بشكل كبير، وتزايد خطاب الكراهية في وسائل الإعلام والمجتمعات المحلية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الجماعات المسلحة المدعومة من قوى خارجية تسهم في تفاقم الأزمة، مما يجعل المدنيين ضحايا للمعركة بين الأطراف المتنازعة.
مدينة الفاشر: بؤرة الصراع والدمار
إحدى المناطق التي شهدت تصعيداً خطيراً في العنف هي مدينة الفاشر في دارفور، حيث تُحاصر المدينة من قبل قوات الدعم السريع منذ مايو 2024. هذا الحصار فرض على المدينة موجات من القصف الجوي والغارات العشوائية التي أسفرت عن نزوح جماعي ودمار هائل في البنية التحتية. هشام توضح أن هذه العمليات العسكرية أسفرت عن تصعيد مأساوي للأوضاع الإنسانية في المدينة، بينما فشلت قوات الدعم السريع في تقديم نموذج حكم مستقر في المناطق التي تسيطر عليها.
موازين القوى: الجيش السوداني يستعيد زمام المبادرة
فيما يتعلق بموازين القوى العسكرية، تشير هشام إلى أن قوات الدعم السريع حققت بعض النجاحات في بداية النزاع، بفضل استعدادها العسكري وتحركها السريع. لكن الجيش السوداني استطاع مؤخراً استعادة زمام المبادرة، خاصة بعد استعادة السيطرة على مصفاة الجيلي النفطية ومنطقة التصنيع الحربي شمال بحري. كما أشار إلى إعادة هيكلة قوات العمليات الخاصة وتعزيز قدراته العسكرية، مما ساعد في تغيير موازين القوى لصالح الجيش السوداني.
آفاق الحل السياسي: هل يمكن إنهاء الحرب؟
أما بالنسبة لمستقبل الصراع، تؤكد هشام أن الوصول إلى حل سياسي يتطلب اتفاقاً شاملاً بين الأطراف المتنازعة، إلا أن الحكومة السودانية تصر على ضرورة انسحاب قوات الدعم السريع من المشهد السياسي والعسكري. في المقابل، فإن قوات الدعم السريع مصممة على استكمال معركتها في السيطرة على مدينة الفاشر، في محاولة لتقوية موقفها في أي مفاوضات قد تجري في المستقبل. وتحذر هشام من أن استمرار النزاع قد يؤدي إلى تفكك الدولة السودانية وتفاقم الوضع الإنساني بشكل غير مسبوق.
ختاماً، تبقى السودان أمام تحديات هائلة في ظل هذا الصراع المستمر، حيث يمكن أن تكون تداعياته أكثر إيلاماً على المدنيين وأمن المنطقة. وتستدعي الأوضاع الراهنة ضرورة تدخل المجتمع الدولي بشكل فاعل للحد من الخسائر البشرية والتخفيف من معاناة المدنيين، في الوقت الذي يحتاج فيه السودان إلى مسار سياسي يضمن استقراراً مستداماً للبلاد.