ياسر عرمان نظرة جديدة على خطاب القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح البرهان
انباء السودان
متابعات _ انباء السودان _ بقلم: أ. ياسر سعيد عرمان، رئيس الحركة الشعبية – التيار الثوري (الديمقراطي)
في سياق الحرب الدائرة في السودان، تبرز تصريحات القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح البرهان كإشارة محتملة نحو تحول في الخطاب العسكري والسياسي. وتقتبس العديد من الاستراتيجيات الحربية العريقة مثل مقولة سون تسو، التي تشير إلى أن أعظم المعارك هي تلك التي تُكسب دون قتال، مما يضع السياسة في صدارة الحلول الممكنة بدلاً من النصر العسكري المطلق.
لقد شهدت الفترة الماضية من الحرب، كما يشير تقييم عسكري محض، معارك حقيقية بين القوات المسلحة والدعم السريع، ولم تكن تلك معارك انسحاب أو هزيمة بقدر ما كانت مواجهات شهدت تقدماً من الطرفين في بعض الفترات. ورغم انتصارات الجيش في مناطق مثل أمدرمان وسنار، تبقى هذه الانتصارات خطوة نحو الحل السلمي، وليس نهاية الحرب.
الخطاب الأخير للفريق البرهان لا يقتصر على تمجيد النصر العسكري، بل يتطرق إلى ضرورة البحث عن حلول سياسية تُفضي إلى إنهاء الحرب. ورغم أن الخطاب لا يمكن أن يكون العامل الوحيد لوقف الحرب، إلا أنه يفتح نافذة للحوار ويطرح الأسئلة المعقدة حول المستقبل السياسي للسودان.
من المهم التنبه إلى أن السودان اليوم ليس في مواجهة بين الجيش والدعم السريع فحسب، بل في صراع طويل الأمد بين ثلاث قوى رئيسية: قوى الثورة والتغيير، حركات الكفاح المسلح غير الموقعة، والجيش وحلفائه. وفي هذا السياق، لا بد للقوى السياسية من الابتعاد عن إشكاليات الوثيقة الدستورية أو تعديل الهيكل السياسي بشكل يناسب مصالح ضيقة، بل يجب التركيز على وقف الحرب والبحث عن تسوية سياسية شاملة.
في سياق السعي للسلام، يأتي الحديث عن تعزيز دور القوات المسلحة كقوة غير مسيسة، قادرة على الحفاظ على سيادة البلاد واستقلالها، دون الانخراط في صراعات سياسية داخلية أو إقليمية. وعلى الرغم من التحديات الكثيرة، لا بد للجيش من التحول إلى قوة مهنية تعكس التنوع السوداني وتدافع عن الديمقراطية.
في هذا الإطار، تأتي الدعوة للحوار المباشر مع جميع القوى السياسية والمجتمعية بما فيها الدعم السريع. وهذا ليس خياراً بل ضرورة. الحلول العسكرية قد تستمر لفترة، لكن لا يمكن تحقيق نصر حاسم في الحرب، والمصلحة الحقيقية تكمن في تحويل التقدم العسكري إلى تقدم سياسي، يفضي إلى السلام والاستقرار.
اليوم، أصبح من الضروري أن يُترجم تقدم الجيش على الأرض إلى تقدم سياسي، فالمصالحة الوطنية والسلام هو الطريق الوحيد لاستعادة السودان عافيته. والأهم من ذلك هو الاستجابة لمطالب الشعب السوداني في العيش بسلام وتنمية تحت راية ديمقراطية حقيقية.
أخيرًا، لا مفر من التوجه نحو الحلول السلمية والابتعاد عن “فقه الحرب” لصالح “فقه السلام”، الذي يجب أن يكون بديلاً للدمار والعنف. إن سلام الشعب السوداني ووحدته هي الأولوية التي يجب أن تسبق أي حسابات سياسية أو عسكرية.