انباء السودان

في عمق الصحراء .. السودان يفجّر مفاجأة أثرية ضخمة

0

في واحدة من أبرز الاكتشافات الأثرية الحديثة، أعلن فريق بحثي بولندي عن رصد بحيرة ملحية قديمة في قلب صحراء بيوضة شمال السودان، تحتوي على رواسب نادرة من معدن “النطرون”، الذي استخدمه المصريون القدماء في عمليات التحنيط وصناعة الزجاج والسيراميك.

 

الاكتشاف جاء بعد سنوات من العمل الميداني، ضمن مشروع تابع للمركز الوطني البولندي للعلوم، وأسفر أيضًا عن تحديد أكثر من 1200 موقع أثري، من بينها 400 موقع تم توثيقه ضمن الدراسة الجديدة التي نشرتها مجلة Science in Poland.

 

ومن بين الاكتشافات اللافتة، مقبرة تعود إلى حضارة كرمة القديمة (2500–1500 ق.م)، عُثر فيها على إناء فخاري يحتوي على بقايا حشرات – بينها خنافس – ما يفتح الباب أمام فهم جديد لممارسات الدفن آنذاك.

 

الأبحاث، التي امتدت إلى مناطق الحقول البركانية القريبة من جبل المويلحة، كشفت أن بحيرة النطرون كانت موقعًا نشطًا لاستخراج هذا المعدن الفريد. كما تم العثور على عظام لحيوانات السافانا وموقع يعود للعصر الحجري الوسيط (11 إلى 7 آلاف عام قبل الميلاد)، ما يشير إلى تغيرات مناخية جذرية شهدتها المنطقة في عصور ما قبل التاريخ.

 

المفاجأة الكبرى كانت في اكتشاف مواقع تعود إلى العصر الحجري القديم، تضم أدوات حجرية من حضارة أولدوان – أقدم ثقافة معروفة في تاريخ البشرية، والتي تعود إلى نحو 2.6 مليون سنة. كما رُصدت ورش لصناعة الأدوات الآشولية في نفس المنطقة، تُظهر تطورًا تقنيًا متقدماً في صناعة الأدوات الصوانية.

 

ولم تغب دلائل العصر الحجري الأوسط عن المشهد؛ إذ عُثر على أدلة لتقنية “ليفالوا” الشهيرة في تشكيل الأدوات، مما يؤكد أن التصنيع كان حاضرًا في بيوضة منذ ما لا يقل عن 300 ألف عام.

 

كما تم الكشف عن مقبرة فريدة تقع على منحدر جبل الغار، تعود للعصر الحجري الوسيط، وتضم 16 مدفنًا موزعة على عدة طبقات، وتشير تحليلات الكربون المشع إلى استخدامها منذ الألفيتين السابعة والسادسة قبل الميلاد.

 

هذه الاكتشافات تعيد رسم خريطة التاريخ البشري في السودان، وتفتح أبوابًا جديدة لفهم تطور الحضارات في شمال إفريقيا.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.