انباء السودان

ساحة حرب جديدة .. السودانيون بإيران يعانون الحربين

0

في ظل تصاعد المواجهات العسكرية بين إيران وإسرائيل، يجد مئات السودانيين المقيمين في إيران أنفسهم عالقين بين نارين: حرب تُلاحقهم في وطنهم السودان، وأخرى تُطاردهم في بلد لجأوا إليه بحثًا عن فرصة أفضل للحياة والدراسة.

 

في مدينة أصفهان، التي تعرضت مؤخرًا لضربات إسرائيلية، يعيش الطالب السوداني “سليم محمود” (اسم مستعار) تحت وطأة الخوف.

يقول سليم: “لم أتصور أنني سأعيش لحظة أهرب فيها من الحرب مرتين، الأولى في السودان والثانية هنا في إيران.”

 

سليم الذي يدرس الهندسة الميكانيكية منذ خمس سنوات في إيران، كان حاضرًا عندما هزّ الانفجار الأول سماء أصفهان، وتحول ليل المدينة الهادئ إلى ليل مضطرب تصمّ أذنيه أصوات الطائرات المسيّرة والانفجارات. ومع تزايد وتيرة القصف، بدأ يبحث عن مخرج، فغادر إلى مدينة كاشان بحثًا عن بعض الهدوء، لكنه يفكر الآن بجدية في مغادرة إيران بالكامل نحو ماليزيا لاستكمال دراسته.

 

الخيارات تضيق

 

فيما فتحت السفارة السودانية في طهران باب الإجلاء للراغبين من الجالية، أعلن السفير السوداني عبد العزيز صالح أن أول مجموعة سيتم ترحيلها تضم نحو 25 سودانيًا فقط، رغم أن عدد المسجلين يتجاوز 200 شخص، وسط تقديرات غير رسمية تشير إلى وجود أضعاف هذا الرقم في مختلف المدن الإيرانية.

 

ومع استمرار الضربات الإسرائيلية على أهداف عسكرية ومنشآت نووية في أصفهان منذ 13 يونيو، لم تتخذ السلطات الإيرانية قرارات بإخلاء جماعي، لكن كثيرين غادروا طوعًا إلى مدن أبعد عن الخطر.

 

ورغم أن السودان طبع علاقاته مع إسرائيل قبل خمس سنوات، إلا أن الحكومة السودانية المؤقتة أدانت الهجمات الإسرائيلية على إيران، مشددة على موقفها الداعم لاحترام سيادة الدول ورفض الاعتداءات العسكرية.

 

بين التضخيم والواقع

 

في المقابل، يرى بعض السودانيين في طهران أن التهويل الإعلامي لا يعكس الواقع بدقة. علي نور (اسم مستعار) يقول إنه لا يشعر أن العاصمة طهران في دائرة الخطر المباشر، وإنه لا يفكر في المغادرة حاليًا. لكنه يعترف بأن السودانيين في إيران يتوزعون على مدن مختلفة، وبعضهم أصبح فعلاً يعيش في مناطق ساخنة.

 

“أنا الآن أعيش يومي بمحاولة البقاء على قيد الحياة، لا يمكنني العودة للسودان الذي تحترق مدنه بالحرب”، يضيف علي.

 

تجربة من نار

 

أما أنور عبده، الذي يقيم في طهران منذ ثلاث سنوات، فقد اضطر هو الآخر إلى الهروب. كان متواجدًا في حي نارمك عندما ضربت الغارات العاصمة. “لم أكن أتخيل أن اللحظة التي أهرب فيها من مكان لجأت إليه ستأتي بهذه السرعة”، يقول أنور.

 

غادر أنور إلى مدينة كرج التي تعتبر أكثر أمانًا، واستقر مؤقتًا لدى عائلة إيرانية استقبلته بحفاوة، لكنه ما زال يشعر أن الأوضاع غير مستقرة، خاصة مع انقطاع الاتصالات أحيانًا واكتظاظ المستشفيات وضعف الخدمات.

 

عالقون بين جبهتين

 

الباحث السوداني عاطف حسن يقدّر عدد السودانيين في إيران بحوالي ألف شخص، أغلبهم طلاب في مدينة قم، التي تعد مركزًا دينيًا شيعيًا عالميًا، حيث يدرسون في جامعة المصطفى العالمية. ويوضح أن العلاقات الأكاديمية بين البلدين تعود إلى تسعينيات القرن الماضي، حين شهدت العلاقات السودانية الإيرانية ذروة التعاون قبل أن تتدهور في 2016.

 

ورغم تجميد العلاقات آنذاك، بقي عدد من السودانيين في إيران لأسباب دراسية أو دينية.

 

تقارير متفرقة تحدثت مؤخرًا عن دعم إيراني للجيش السوداني بطائرات مسيرة في مواجهاته مع قوات الدعم السريع، وهو ما ينفيه الجيش، لكن مراقبين يرون أن الدعم الإيراني المزعوم قد يكون أحد أسباب تدهور الوضع الأمني في السودان.

 

السودانيون في إيران اليوم يعيشون في وضع لا يحسدون عليه، فبين لهيب الحرب في الوطن ومخاطرها في المهجر، تبدو خياراتهم محدودة وأيامهم مثقلة بالقلق والترقب.

 

 

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.