يعيش سد مروي، واحد من أهم المشروعات الكهرومائية في السودان، تحت تهديدات متصاعدة بفعل ضربات طائرات مسيرة استهدفت بنيته التحتية الحيوية، خاصة محطات الكهرباء والبوابات، وسط استبعاد انهياره الفوري.
ومع ذلك، حذر خبراء من مخاطر تصدعات قد تظهر لاحقًا نتيجة الضغط المستمر والضربات المتكررة، في ظل حديث قديم عن هشاشة جيولوجية تحيط بموقع السد.
يقع سد مروي في ولاية نهر النيل على مقربة من مدينة مروي، ويبعد نحو 350 كيلومترًا شمال الخرطوم. يمتد السد بطول 9 كيلومترات وبارتفاع 67 مترًا، ويحتجز خلفه بحيرة ضخمة بسعة 12.5 مليار متر مكعب، منتجًا ما يصل إلى 1250 ميغاواط من الكهرباء، ما يغطي احتياجات ملايين السكان للطاقة.
التطورات العسكرية الأخيرة أظهرت استهداف السد من قِبل مليشيا الدعم السريع عبر هجمات جوية متكررة باستخدام طائرات مسيرة متنوعة، انتحارية واستطلاعية، محملة بقذائف هاون وأخرى مخصصة للهجمات الدقيقة، وسط تقارير عن استخدام طائرات حديثة من طراز صيني متطور.
مهندسون وخبراء، من بينهم مستشار الطاقة القطري عبد الكريم الأمين، أشاروا إلى أن الخطر لا يكمن فقط في استهداف جسم السد مباشرة، بل يتعداه إلى الإضرار بالوحدات المساعدة التي تضمن استمرار عمله، مما قد يهدد مستقبله إذا لم يتم تدارك الأمر سريعاً. ورغم تأكيده أن السد محصن ضد الضربات المباشرة بفضل سماكة خرسانته وتصميمه المرن، إلا أن الأمين لم يغفل عن التحذير من تصدعات خفية قد تتفاقم مع الوقت.
أعاد الأمين تسليط الضوء على جدل قديم كان قد أثير أثناء مراحل إنشاء السد، حول احتماليات وجود تشققات مبكرة نتيجة لطبيعة المنطقة الجيولوجية الهشة. وأكد أن السدود عموماً تواجه خطر التأثر بالمتغيرات الجيولوجية، سواء الطبيعية منها أو الناتجة عن النشاط الإنساني، مثل الحروب.
من جانبه، حذر الأمين من أن الأضرار التي قد تصيب بوابات السد قد تتسبب في غمر الجسم الخرساني بالمياه، مما يزيد من احتمالات الانهيار نتيجة ضغط المياه المتزايد. وأوصى بإجراء تقييمات هندسية دقيقة لحالة جسم السد والجسور الترابية المرتبطة به، بمجرد توفر فرصة آمنة لذلك.
وفي سياق متصل، طالب الأمين بضرورة إشراك خبراء دوليين لتقديم تقييمات مستقلة للأضرار المحتملة، مشيراً إلى أن العوامل الإقليمية، مثل الزلازل وتأثير سد النهضة، قد تضيف مزيداً من الضغوط على البنية التحتية المائية في السودان.
رغم التأكيدات الرسمية السابقة من وزارة الري السودانية على سلامة سد مروي ونفيها لوجود أية أضرار، إلا أن المخاوف تتصاعد مع استمرار الاستهداف، خاصة في ظل تحذيرات من أن تكرار الضربات قد يؤدي على المدى الطويل إلى تدهور المكونات الميكانيكية والكهربائية للسد.
بينما تواصل جهات رسمية وخبراء تطمين الرأي العام بشأن صلابة السد، يبقى القلق ماثلاً حول تداعيات استمرار الضغوط، خصوصاً مع احتمالات حدوث خلل جزئي أو كلي قد يؤدي إلى تسرب كميات هائلة من المياه، مما ينذر بكارثة إنسانية تمتد آثارها حتى شمال السودان وجنوب مصر.